|

ذلك الأثير اللامتناهي 

الكاتب : الحدث 2021-10-14 03:52:29

‏هي لحظة يتغير بعدها كل شيء ولا يعود كالسابق ، ينمو ويتجدد أو يذبل ويرحل أو يخرج من طور عاديته أو ينساب بوداعة في زمنه حتى يحين اكتمال مسيرته في جوهر الأشياء وحتمًا لا شيء يذهب سُدى إلا ما كان في أصله بلا مقومات تسند ماهيته ..
‏أنحاز لماهية الأشياء تلك التي تبحث عن تداعيات الجوهر وتبعاته ، وكلما فاتني منها فائت في وقت سهو ما أعود بكثافة أكلل الزمن المنسي بالأسئلة على أمل أن ترسخ في خلدي وعلى وعد أن لا تفر من المعنى وذلك كله لا يمنع أن تتبلور بشمولية تختصر مشقة التجزئة رغم بساطتها أحيانًا ..
‏وعندما تلمع تلك البلورة لا يمنع أن تتوغل في مفردات تدعم جوانبها بيد أن ذلك يحتاج لوعي رصين يعرف من أين يلتقط المعنى وكيف يجعل منه وجهة لفضاء التأويل ، وعمومًا تجربة وجودية الخلاص وخلاص الوجودية خير برهان ..
‏وحيث تقودك الأجوبة تمسك بالسر الذي تعود له مسميات الأشياء وذلك لا يعني أن هناك أشياء خارج إطارها ، متعتها في السؤال متى ما وجدت إجابتها أصبحت كمن يعوم باحثًا عن أخرى أكثر عمقًا إن وجدها كان بها ولا تضمن أن لا تقع في فخ الرتابة وإن لم تجدها ستكتفي بالعوم في ذلك الأثير اللامتناهي..
وحيث يوفر العوم تداعيات تستكن عندها النفس مرة ويحفز العقل مرة أخرى إلا أنها قد تشكل حالة من التشظي تحتاج لوقت حتى تنضج لتصبح متبلورة مكتملة في ذات الأطر التي يحددها السؤال ولأن السؤال بحد ذاته لا يقف عند جانب معين لا يمنع أن نذهب من خلاله إلى سؤال آخر يشبع غور تلك الأشياء ويروي تلك الانشقاقات التي تحمل الكثير من الجوانب النيرة وإن كان ظاهرها غير ذلك فيجب أن نذهب بالوعي إلى ماهو أعمق من القراءة السطحية التي تبدو لأول وهلة أحادية المعنى ومتى ما أمعنا النظر وتركنا فرصة لجميع الجوانب أدركنا أن العمق في قراءة أي مشهد مطلب أساسي للانطلاق نحو وجهة محببة للنفس تحتوي متطلبات أي اعتلال يشكل إشكالية تصنف خارج عن إرادة المعنى وذلك جزء مهم من أجزاء النمو الذي يؤدي للمعرفة التراكمية مع مرور الوقت ، فكلما كان الوعي منفتحًا على الاحتمالات كلما زاد تعزيز الجوهر الذي هو صلب كل الأشياء ، وذلك لا يعني بتاتًا أن يصبح العالم المادي مُغيب بل يعني استخراج لحظة رغم زخمه وسطوته وإن كان هذا شاقًا إلا أنه ضرورة مُلحة لمن يخشى ركود أيامه وكساد جوهره في ظل التسارع المرعب الذي يجعلنا نتهيأ بين فينة وأخرى أننا نسير نحو وجهة محددة بينما لا نكتشف أننا مقسمون إلى عدة وجهات لا نستطيع التعرف عليها إلا بعدما يحدث ارتطام ما  به نعيد النظر من خلاله عن ماهية الأجوبة التي في حوزتنا ولا يعد شرًا محضًا بل أنه خير خالص للمرحلة القادمة حيث من خلاله تحصل عملية الهدم والبناء في القناعات . 

بقلم : رهام مدخلي 
Reham90md